نحن نعلم أن اللياقة البدنية تؤدي دوراً إيجابياً في نظام القلب والأوعية الدموية، والصحة العقلية، والقوة، وتكوين الجسم، لكننا ننسى أحياناً ما تفعله أيضاً للجسم ككل. تعد صحة جهاز المناعة أحد الأمور الفسيولوجية غير المرئية التي يمكن أن تؤثر عليها اللياقة تأثيراً إيجابياً.

جهاز المناعة معقد بشكل لا يصدق، والبحوث التي تربط اللياقة البدنية به ما زالت تواصل تطورها. ما نعرفه هو أن اللياقة يمكن أن تؤدي دوراً في التأثير الإيجابي على صحة ووظائف جهاز المناعة في أجسامنا. من الضروري أن نفهم هذا، خاصة ونحن نقترب بسرعة من موسم البرد والإنفلونزا.

في هذا المقال، سنناقش ماهية جهاز المناعة ووظيفته، وكيف يمكن أن تؤثر اللياقة البدنية إيجاباً عليه.

‌‌‌‌ما هو جهاز المناعة؟

جهاز المناعة ليس مجرد شيء واحد، فهو في الواقع شبكة معقدة للغاية تتكون من خلايا، وأنسجة، وأعضاء في الجسم. إنه نظام في الجسم نادراً ما نُدرك أنه يعمل باستمرار للحفاظ على حالة التوازن الصحي أو التوازن الثابت.

عندما نواجه الجراثيم والبكتيريا في بيئتنا الخارجية وتدخل إلى أجسامنا، فإنها تتكاثر بمعدلات تختلف باختلاف أنواع تلك الجراثيم والبكتريا. عندما يتجاوز المعدل قدرات جهاز المناعة، يعتبر حينها عدوى. يعمل جهاز المناعة بعد ذلك على مواجهة ومنع تكاثر الجراثيم والبكتيريا التي تدخل الجسم، والتي تُخرجه عن حالة التوازن وتؤدي إلى العدوى.

تحديداً، يعمل جهاز المناعة على تحديد الأنواع المختلفة من الخلايا، ثم يقاومها إذا لزم الأمر. عند تحديد الخلايا الطبيعية والصحية وغير الصحية، يتعرف جهاز المناعة على الإشارات من الخلايا غير الصحية التي تسمى الأنماط الجزيئية المسببة للخطر (DAMP). يمكن للفيروسات وأنواع معينة من البكتيريا أيضاً إطلاق إشارات يتعرف عليها نظام المناعة لدينا على أنها أنماط جزيئية مسببة للأمراض (PAMP).

تنبه هذه الإشارات جهاز المناعة إلى الاستجابة بطريقة تتصدى إلى PAMP التي يواجهها الجسم. تختلف الأنواع المختلفة من الفيروسات والبكتيريا من حيث الإشارات التي تنتجها، ويستجيب نظام المناعة لدينا بالوسائل التي يراها أفضل.

تتمثل إحدى أروع ميزات جهاز المناعة في أنه يحتفظ بسِجل مسببات الأمراض التي واجهها من قبل، لذا فهو يعرف كيفية مواجهتها في المستقبل عندما يتعرف على الخلايا وأنماط الإشارات غير الصحية المماثلة لها. 

يمكن أن تتأثر الشبكة المعقدة من الخلايا والأنسجة والأعضاء التي يتكون منها جهاز المناعة بمجموعة متنوعة من العوامل الداخلية والخارجية. وهذا يقودنا إلى موضوع اللياقة وجهاز المناعة. الأشكال المختلفة للتمارين تُنتج استجابات فسيولوجية مختلفة في الجسم، ويُرى أن بعضها يؤدي دوراً إيجابياً في وظائف جهاز المناعة.

اعرف المزيد عن جهاز المناعة:

‌‌‌‌ كيف تؤثر التمارين على جهاز المناعة؟

كما ذكرنا سابقاً، من المهم أن نتذكر أن الأبحاث التي تربط اللياقة البدنية بصحة المناعة ما زالت في تطور مستمر. ما زال يجري استكشاف مقدار ما يكفي من التمارين، ومدى صعوبتها، وعدد مراتها.

من المفيد أيضاً أن تتذكر أنه ليس علينا التدريب "طوال الوقت" لتحسين صحة جهاز المناعة. فمثلاً، إذا كان جهاز المناعة لدى المرء قد تعرض للخطر بالفعل وتجاوزت شدة التمرين الحد الذي يمكن للجسم التعامل معه، فإن التمرين يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية بالنسبة لوظائف جهاز المناعة. فهناك بعض أشكال التمارين تُسبب ضغطاً داخلياً كبيراً على الجسم.

مرة أخرى نقول إن هذا يختلف من شخص لآخر، وعلينا أن نظل مدركين للصورة الأكبر، وهي ... يُقترح ممارسة الرياضة بانتظام لتحقيق فائدة إيجابية لصحة نظام المناعة وهذا أمر بالغ الأهمية، خاصة عند النظر إلى الصحة على المدى الطويل.

أحد الأسباب الرئيسية لاقتراح ممارسة الرياضة لتأثيرها الإيجابي على جهاز المناعة هو أنها يمكنها تعزيز إعادة تدوير الجسم للجلوبيولين المناعي، والسيتوكينات المضادة للالتهابات، والخلايا المتعادلة، والخلايا القاتلة الطبيعية، والخلايا التائية السامة، والخلايا البائية غير الناضجة. يُعتقد أن كل هذه العناصر تؤدي دوراً في الزيادة الإيجابية لجهاز المناعة وصحة الأيض.

بعبارة أخرى، يمكن أن تزيد التمارين من توزيع أجسامنا للدفاعات الرئيسية التي يستخدمها جهاز المناعة عند مواجهة مسببات الأمراض. من المهم ملاحظة أنه يُعتقد أن هذه الميزة تكون أكبر أثناء التمارين التي بطبيعتها تستغرق حوالي 60 دقيقة أو أقل.

ما نستخلصه هنا هو أنه عند إجرائها باستمرار، يمكن أن تكون التمرينات الحادة مفيدة لصحة جهاز المناعة لعدة أسباب، ويمكن أن تؤثر هذه النوبات بشكل إيجابي على صحة التمثيل الغذائي.

كما ذكرنا سابقاً، يُعتقد أن الكثير من التمارين قد يسبب استجابة عكسية لجهاز المناعة. عندما نتمرن تمريناً مكثفاً، ينتج الجسم هرمونات مسببة للتوتر لمواجهة التوتر الذي تُسببه التمارين لجسمك. 

إذا تجاوزت شدة التمرين قدرة الجسم على التحكم في الهرمونات المسببة للتوتر، فقد يمُر بفترات عابرة من خلل المناعة، أو ضعف جهاز المناعة قليلاً. عند فهم هذا، يمكننا وضع خطة لعب للتمرينات المكثفة تتيح للجسم وسائل أفضل للتعافي والتكيُّف.

‌‌وضع روتين لياقة بدنية عالي الجودة ومقوي للمناعة

نظراً لأن وظائف جهاز المناعة يمكن أن تقِل عند ممارسة الرياضة المسببة لكميات كبيرة من هرمونات التوتر تفوق ما يمكن لجسمنا التعامل معه، فنحن بحاجة إلى أن نتصرف بحكمة عند وضع خطة للتمارين، وأدوات التعافي، والتغذية.

في ما يلي بعض النصائح العملية لأي شخص يتدرب بقوة كثيراً ويريد التأكد من زيادة شدة التمارين بتعقُّل بحيث تساعد على تحسّن التعافي ولا تضُر بالمناعة.

1. نصائح للتمارين

  • بالنسبة لرافعي الأثقال، اتبع برنامجاً تدريبياً به فترات تخفيف وتكثيف. يمنح ذلك جسمك وسائل أفضل للتكيُّف مع زيادة الأحمال، وفترات راحة منتظمة.
  • للاعبي تمارين الكارديو، يُنصح برفع كثافة التدريب ببطء وبزيادات صغيرة. بشكل عام، تعتبر زيادة كثافة تدريبك بمعدل أقل من 10٪ في الأسبوع استراتيجية جيدة ويمكن التحكم فيها.

2. نصائح للتغذية

  • تناول نظاماً غذائياً متوازناً يتكون من أطعمة غنية بالعناصر الغذائية عالية الجودة. تناول الكثير من الخضروات، والفواكه، والكربوهيدرات المعقدة، واللحوم الخالية من الدهون، لضمان حصولك على الكثير من المغذيات الدقيقة.
  • اهتم بالتغذية قبل التمرين وبعده. تناول كربوهيدرات معقدة و بروتينات كاملة بعد التمرين لزيادة التعافي.
  • اشرب الكثير من الماء طوال اليوم لضمان تلبية مستويات الترطيب الطبيعية.

3. نصائح للنوم

  • حاول النوم في نفس الوقت باستمرار كل ليلة للحفاظ على إيقاع الجسم اليومي الطبيعي.
  • بالنسبة لمن يتدربون بشدة، عليهم محاولة النوم سبع ساعات على الأقل لضمان راحة الجسم بما يكفي للتعافي التام.

4. نصائح للمكملات

قد تؤدي المكملات دوراً في تقوية جهاز المناعة، خاصةً إذا كنا لا نتناول بشكل طبيعي ما يكفي مما يدعم مناعتنا. 

بعض المكملات الغذائية التي تستحق التجربة:

  • CoQ10: أحد مضادات الأكسدة الطبيعية، ويُعتقد أنه يؤدي دوراً في نمو الخلايا الصحية والحفاظ عليها
  • الزنك: عنصر زهيد (يوجد في الجسم بكميات صغيرة) يساعد على دعم صحة جهاز المناعة ووظائفه
  • فيتامين (د): فيتامين يؤدي دوراً في مجموعة متنوعة من العمليات الفسيولوجية، ويساعد على امتصاص الجسم للمعادن الرئيسية

كانت تلك بعض الاقتراحات لأي شخص يحب التدريب الشديد ويريد التأكد من مدّ جسمه بالأدوات التي يحتاجها للتعافي.