في عيادتي، لا تعني كلمة "نظيف" خلو الشي من الأوساخ والجراثيم فقط ولكنها تعني أيضاً خلوه من المواد الكيميائية والمنتجات الثانوية التي يمكن أن تضر بصحة الإنسان. إنه فارق بسيط، لكن قد لا تصدق مدى سهولة شراء المنظفات عن طريق الخطأ التي تؤذيك وتضر عافية عائلتك.

منذ سبعينيات القرن الماضي، بدأت آلاف المواد الكيميائية الجديدة تدخل في بيئتنا - أكثر من 87,000، على وجه الدقة. لم تُجرى دراسات على العديد من هذه المواد الكيميائية لمعرفة تأثيرها على صحة الإنسان أو كوكب الأرض. تبيّن من بضع مئات من المواد الكيميائية التي خضعت للدراسة أن عدداً كبيراً من الإضافات الصناعية في منتجات التنظيف يزيد من خطر الإصابة بالسرطان. بالإضافة إلى ذلك، فإن العديد من هذه المركبات تعمل على اختلال الغدد الصماء التي تعيق إشارات الهرمونات في كل من البشر والكائنات الحية الأخرى. نظراً لأن الهرمونات تؤدي دوراً مهماً في تنظيم الجهاز المناعي والتناسلي والجهاز العصبي، فإن التغييرات الطفيفة في مستويات الهرمونات يمكن أن يكون لها تأثيرات عميقة على الصحة.

لحسن الحظ، هناك طرق فعالة لتقليل ملامسة هذه المكونات الضارة. من خلال هذه النصائح الثلاث، يمكنك الحفاظ على منزلك نظيفاً وبراقاً والحفاظ على صحة من يعيشون فيه. إنه عمل طبي وقائي سيؤتي ثماره لعائلتك على المدى الطويل.

‌‌‌‌1. نظّف الهواء

ينسى الكثير من الناس أن الهواء الذي نتنفسه هو مصدر رئيسي للغبار والمواد المسببة للحساسية والملوثات والفيروسات والبكتيريا. يمكن أن تساهم هذه الجزيئات في الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي أو تفاقم أعراض الحساسية على الأقل. تتزايد معرفتنا شيئاً فشيئاً بأن المستويات العالية لملوثات الهواء تؤثر على الصحة بعمق لدرجة أنها يمكن أن تقصر من العمر، وكذا المستويات المنخفضة أيضاً.

وذلك لأن ملوثات الهواء تتداخل مع وظائف الرئة، واستخدام الأكسجين، وتزيد من عبء السموم على نظام التطهير في الجسم - نظام أعضاء الجسم المسؤولة عن طرد السموم (الكلى والجلد والجهاز الهضمي وغيرها). لهذه الأسباب، من المهم للغاية تنظيف الهواء في منزلك بانتظام - تماماً كما تفعل مع تنظيف أي سطح آخر لحماية صحتك.

غالباً ما يُعاد تدوير الهواء المنزلي عدة مرات في اليوم. منذ السبعينيات، عندما أصبح العزل المنزلي أكثر تقدماً، لا يتم يحدث الكثير من تبادل الهواء داخل المنزل أو المكتب أو الشقة مع الهواء الخارجي. هذا يعني أننا نتنفس نفس الهواء مراراً وتكراراً خلال دورة مدتها 24 ساعة. هذه أخبار جيدة عندما نقوم بفلترة الهواء، لأن تثبيت فلتر واحد فقط يكفي لإحداث فرق في هذه الدورة.

إحدى أفضل الطرق لتنظيف الهواء في منزلك هي استخدام ما يُسمى فلتر HEPA (هواء ذي جسيمات عالية الكفاءة). تعمل فلاتر HEPA عن طريق سحب هواء الغرفة من خلال فتحة تهوية وإجباره على المرور عبر فلتر جيد عدة مرات في اليوم. يسحب الفلتر حبوب اللقاح والغبار والجسيمات الدقيقة الأخرى التي يمكن أن تضر بالصحة.

أنصح زبائني بوضع فلتر في الغرف التي يقضون فيها معظم الوقت. بالنسبة لمعظم الناس، يشمل ذلك غرفة النوم وغرفة المعيشة والمكتب المنزلي. يمكنك توفير المال عن طريق شراء فلتر واحد وتحريكه في أرجاء المنزل خلال اليوم حسب الغرفة التي تتواجد فيها. إذا كنت لا تريد تلك المتاعب، فما عليك سوى شراء اثنين أو ثلاثة يُثبّت كلٌ منهم في مكانه بحيث يظل هناك عندما تحتاج إليه.

بالإضافة إلى ذلك، يمكنك تنشيط الهواء الداخلي عن طريق فتح نافذة لبضع دقائق مرة واحدة يومياً للسماح بدخول هواء جديد. إذا رغبت في استخدام رذاذ معطر لجعل هواء الغرفة أقل رطوبة، تأكد من استخدام معطرات الغرف التي تحتوي على مضادات الميكروبات والزيوت العطرية على عكس العطور الصناعية، التي تحتوي على مواد كيميائية يمكن أن تهيج الأشخاص المصابين بالحساسية وتزيد من عبء طرد السموم على الكبد والرئتين.

‌‌‌‌2. استخدم منتجات التنظيف الطبيعية

فوجئ العديد من عملائي بسماع أنه يمكنهم استخدام عناصر المطبخ الشائعة للتنظيف بطريقة غير سامة. فمثلاً، يمكنك استخدام:

  • الخل كبديل لمنظفات النوافذ لتنظيف الزجاج
  • صودا الخبز بدلاً من منظفات المرحاض أو الدعك لتنظيف المناطق الصعبة
  • صابون قشتالة بدلاً من منظف الأرضيات لجعل الخشب والأسطح تلمع

بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من منتجات التنظيف يمكنك شرائها والتي تحتوي على مكونات طبيعية فقط وتترك المواد الكيميائية الضارة. إنها تنظف تماماً مثل العلامات التجارية التي قد تكون معتاداً عليها. يمكنك أيضاً الاطمئنان إلى أنك تساعد في الحفاظ على البيئة صحية من خلال شراء تلك المنتجات.

استخدام المنتجات الطبيعية يقيك من إدخال مواد كيميائية ضارة في منزلك لن يكون لها مكان فيه في النهاية. كما أنه يقلل من خطر تعرض أصغر أفراد عائلتك للمنظفات السامة عن طريق الخطأ. أفضل ما في الأمر هو أن منتجات المطبخ الطبيعية مثل صودا الخبز عادة ما تكون أقل تكلفة من مواد التنظيف التجارية المتاحة، ويمكنك استخدامها لأغراض متعددة في المنزل. الفوائد لا حصر لها!

‌‌‌‌3. منع تراكم السموم في المنزل

يتطلب الحفاظ على نظافة الهواء الداخلي والأسطح أكثر من مجرد فلاتر ومنظفات غير سامة. إن الحد من تراكم السموم هو الحل النهائي وإجراء قوي في الطب الوقائي. هناك أربعة تغييرات مؤكدة يمكنك إجراؤها الآن لتقليل السموم في منزلك.

أولاً، لا ترتدي أحذية في المنزل. نعال الأحذية التي ترتديها بالخارج هي في الواقع مصدر رئيسي للتلوث في غبار المنزل المستقر (SHD) - وهو شكل من الغبار تمت دراسته على نطاق واسع في البحوث العلمية كمصدر رئيسي للتلوث في المنزل. الأطفال الصغار هم الأكثر عرضة للتعرض لسموم SHD لأنهم يقضون معظم وقتهم على الأرض وعلى السجاد. اطلب من أفراد عائلتك وضيوفك خلع الأحذية عند الباب لمنع المواد الكيميائية الضارة مثل الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات (PAH) وغيره من دخول منزلك والإضرار بصحة عائلتك.

إذا كنت تقضي الكثير من الوقت في الخارج حافي القدمين، فاحتفظ بصابون غير سام وقليلاً من الماء بجانب الباب لغسل الأقدام وتجفيفها قبل دخول المنزل. الشيء نفسه ينطبق على حيواناتك الأليفة! ضع بعض صابون الحيوانات الأليفة عند الباب لغسل أقدام حيوانك الأليف قبل دخول المنزل بعد اللعب في الفناء أو المشي. حتى الشطف بالماء أفضل من لا شيء.

النصيحة الوقائية الثانية: مكنسة كهربائية أكثر ذكاءً أي المزودة بفلتر HEPA مثبت فيها. هذا يمنع المكنسة الكهربائية من طرد الغبار في الهواء عن طريق التقاط معظمه في الفلتر أولاً. أنت لا تريد إلقاء SHD في الهواء أكثر من اللازم لأن هذا سيزيد من عدد السموم التي تتنفسها.

نصيحة أخيرة: اهتم بنظافة السرير الجيدة عن طريق الاستحمام قبل النوم وغسل الملاءات والستائر أسبوعياً في الماء الساخن. هذا يمنع حبوب اللقاح من التراكم والمساهمة في أعراض الحساسية. بالإضافة إلى ذلك، يمنعك من جلب السموم التي واجهتها أثناء تواجدك في الخارج مرة أخرى إلى سريرك. ولا داعي لقول أنه يجب عليك اختيار تنظيف نفسك وملاءاتك بصابون الجسم غير السام و منظفات الغسيل.

بهذه النصائح، ستقلل من عدد المنتجات الضارة في منزلك، مما يتيح لك بلحفاظ على منزل نظيف وصحي.

المراجع:

  1. Brunekreef B;Beelen R;Hoek G;Schouten L;Bausch-Goldbohm S;Fischer P;Armstrong B;Hughes E;Jerrett M;van den Brandt P. Effects of Long-Term Exposure to Traffic-Related Air Pollution on Respiratory and Cardiovascular Mortality in the Netherlands: The NLCS-AIR Study. Research report (Health Effects Institute). 2012;(139).
  2. Cohen L, Jefferies A. Environmental Exposures and Cancer: Using the Precautionary Principle. ecancermedicalscience. 2019;13. doi:10.3332/ecancer.2019.ed91
  3. Di Q, Wang Y, Zanobetti A, et al. Air Pollution and Mortality in the Medicare Population. New England Journal of Medicine. 2017;376(26):2513-2522. doi:10.1056/nejmoa1702747
  4. Mahler BJ, Metre PCV, Wilson JT, et al. Coal-Tar-Based Parking Lot Sealcoat: An Unrecognized Source of PAH to Settled House Dust. Environmental Science & Technology. 2010;44(3):894-900. doi:10.1021/es902533r
  5. Teen Girls’ Body Burden of Hormone-Altering Cosmetics Chemicals. EWG. https://www.ewg.org/research/teen-girls-body-burden-hormone-altering-cosmetics-chemicals#.Wg33jlUrJQJ. Published 2015. Accessed June 22, 2020.