مع حلول العام الجديد قد تفكر في عادات صحية جديدة تتضمن أي شيء من شأنه تحسين نوعية حياتك وصحتك للأفضل.

لطالما كانت بداية العام الجديد بمثابة نقطة انطلاق جوهرية لأي شخص يسعى للقيام بشيء قد يدفعه بعيدًا عن منطقة الراحة الخاصة به ويكون مصدرًا للتحدي بشكل ما. غالبًا ما تتضمن هذه القرارات أمورًا متصلة باللياقة البدنية والتغذية، ولكنها تكون جيدة بقدر قدرة الفرد على الالتزام بها. نحن غالبًا ما نضع "أهدافًا" سامية وتعسفية لأنفسنا دون التفكير حقًا فيما يتطلبه الأمر لترسيخ العادات اللازمة لتحقيق تلك الأهداف.

من أمثلة ذلك أن يقول الشخص "سأبدأ بالذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية خمسة أيام في الأسبوع وسأبدأ نظامًا غذائيًا جديدًا." بالرغم من روعة الدافع في هذه الكلمات، ولكن يمكنك على الأرجح تخمين ما سيحدث لمعظم الأفراد الذين ينتقلون من 0 إلى 100 على هذا النحو بعد مرور شهر واحد فقط. إنهم يتراجعون. 

سنناقش في هذا المقال ما هي العادات فعليًا، وسننشئ إطارًا للمساعدة في تنفيذ العادات الصحية بطريقة واقعية، وسنسلط الضوء على قائمة عادات رائعة في محاولة لتنفيذها.

‌‌‌‌ما هي العادات؟

صدق أو لا تصدق، لا توجد طريقة صحيحة أو خاطئة لتعريف العادات، وقد اتخذت "العادة" تعريفات متعددة في عالم البحث واستندت في ذلك إلى كيفية التخطيط لاستخدام وتنفيذ هذه العادات.

من وجهة نظر التدريب الفني، هناك أحد التعريفات التي أحبها وتقول "العادة هي عملية تؤدي فيها الرغبة لبلوغ شيء ما في تشكيل دافِعٌ يَحُثُّ المَرْءَ وَيَحُضُّهُ على فِعْلِ استجابة مكتسبة تجاه هذا الدافع." هذا يعني بشكل أساسي أن العادات التي نشكلها هي ببساطة نتاج سلاسل من النماذج المكتسبة، وهذا النوع يتوافق تمامًا مع اللياقة والتغذية. رغم ذلك، قد يكون من المفيد للغاية فصل سلوكنا اليومي عن العادات الجديدة التي نحاول بناءها.

لماذا؟ حسنًا، يمكن أن تتأثر سلوكياتنا بشكل كبير بحالتنا المزاجية المتذبذبة، وعليه فإننا إذا بنينا عادات وربطناها دون وعي بسلوكيات مختلفة، فعندئذ يكون لدينا فرصة تطوير علاقات ضعيفة بالعادات الجديدة وتكون سلوكياتنا سلبية على الأرجح.

تخيل ذلك: إذا كنا نحاول تكوين عادة جديدة مثل الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية أو تناول طعام صحي بعض الشيء والتزمنا القيام بذلك فقط عند شعورنا بالسعادة والدافع، فحينئذ نكون متحيزين تجاه هذه العادات الجديدة بسبب ربطها بهذه السلوكيات والمشاعر. نحن نريد تجنب ذلك ونريد فصل السلوك عن العادات لأننا متقلبون في كل يوم ولا نريد الاعتماد على توافر العديد من المتغيرات لتنفيذ عاداتنا الجديدة.

الآن، عندما يتعلق الأمر بتكوين عادات جسدية جديدة، تصبح العملية أكثر تعقيدًا نوعًا ما لأنها أكثر من مجرد "بدء شيء جديد". ففي أثناء قيامك بإنشاء عادات جديدة، ستحتاج إلى أن تظل موضوعيًا حول كيفية استجابتك للإشارات المختلفة ويتعين عليك تحديد طريقة التنفيذ الأمثل بالنسبة لك.

تشير الأبحاث إلى أن السلوكيات الصحية المعتادة غالبًا ما تأتي في ثلاث فئات.

  1. العادات التي يتم الشروع فيها بشكل معتاد ولكن يتم تنفيذها بوعي.
  2. العادات التي يتم تنفيذها بوعي ولكن يتم الشروع فيها بشكل معتاد.
  3. العادات التي يتم الشروع فيها بشكل معتاد ويتم تنفيذها بشكل معتاد.

قد تتضمن الفئة الأولى ارتداء حذاء الجري بعد أيام من القيام بذلك فور الاستيقاظ في الصباح، ثم اتخاذ قرار واعٍ بالركض لمسافة ميل. تستلزم الفئة الثانية اختيار الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية على أساس منتظم. إنه قرار واعٍ في المقام الأول، وبالنسبة لكثيرين، فإنه بمجرد وصولهم إلى صالة الألعاب الرياضية تبدأ عملية آلية معتادة لإكمال التمرين المحدد. الفئة الثالثة هي تناول الوجبات السريعة عندما تشعر بالتوتر. إنه قرار غير واعٍ ناتج عن حافز غير واعٍ.

إذا ركزت بعض الشيء ستجد أن كل هذه الفئات تتضمن الشروع بشكل معتاد في النشاط لتحقيق النتائج المرجوة. وهنا تكمن أهمية إنشاء سلسلة من الإشارات من أجل اتباع عادات واقعية تستند إلى أهداف مجدية.

أثناء متابعة القراءة، حاول التفكير في العادات التي تريد تكوينها في العام الجديد، ثم استخدم الإطار الذي نناقشه هنا لتنسيق الإشارات التي تناسب سياقك الشخصي. تذكر أن طريقة تكويني للعادات ستختلف عن طريقة تكوينك للعادات، لكن نظام المعالجة سيكون متماثلاً.

‌‌‌‌كيف تصنع عادة جديدة

قد تأخذ عادات اللياقة الجديدة أشكالًا متنوعة، ولهذا من المهم جدًا تحديد بعض التفاصيل والأفكار لتحديد ما تريد تحقيقه بشكل واقعي.

  • هل تريد الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية كثيرًا؟
  • هل تريد إضافة 10 أرطال من العضلات؟
  • هل تريد الانضمام إلى أول سباق ماراثون لك هذا العام؟

هذه كلها أهداف رائعة يمكن أن تساعدك في بدء عادة لياقة جديدة، لكن هذه الأهداف النهائية لا تساعدنا فعليًا في بناء الخطوات اللازمة لتحقيقها، كما أنها لا تساعدنا في بناء إطار عمل واقعي لهذه العادة.

تشكيل عادات جديدة خطوة بخطوة

دعنا نستخدم أحد الأمثلة المذكورة أعلاه لتزويدك بفكرة حول كيفية تشكيل عادات لياقة جديدة.

كما هو شائع، لنفترض أنك تريد البدء في الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية 3 مرات على الأقل في الأسبوع على مدار 2021 بالكامل. سيكون هذا هدفًا ساميًا إذا لم تكن قد ذهبت من قبل، خصوصًا عندما تفكر أنك ستنتقل من 0 إلى 152 جلسة تمرين رياضي من أجل تحقيق هذا الهدف. سيكون هذا العدد من الجلسات كفيلاً بإصابة أي شخص بِالدُوَار وهذا ينطبق بشكل أكبر على أولئك الذين ليس لديهم خطة للبدء.

بدلاً من محاولة التعامل مع الهدف الكبير بشكل مباشر، قسّمه إلى ثلاثة أقسام مختلفة. صمم أهدافًا كلية ومتوسطة وصغيرة لتساعدك في تسهيل اكتساب عاداتك الجديدة مع بناء إشارات لتحفيز العادات الثابتة.

من أمثلة هذه الأهداف:

  • هدف كلي: في الشهر الأول، اذهب إلى صالة الألعاب الرياضية مرة واحدة في الأسبوع وقم بممارسة تمرينين خفيفين لمدة 20 دقيقة في منزلك.
  • هدف متوسط: خلال الشهرين الثاني والثالث، اذهب إلى صالة الألعاب الرياضية مرتين في الأسبوع وقم بممارسة 1-2 من التمارين الخفيفة في المنزل.
  • هدف صغير: خلال الشهر الرابع وحتى نهاية 2021، حاول الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية مرتين على الأقل في الأسبوع، ولكن استهدف الوصول باستمرار إلى ثلاث مرات في الأسبوع.

سيساعدك هذا التدرج في تسهيل عملية الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية بشكل متكرر وبطريقة مقصودة. من الطبيعي كذلك أن ينتهي بك الأمر بالاستمتاع بالعملية خلال الأشهر القليلة الأولى دون الحاجة إلى الالتزام بهذا الجدول الزمني! الهدف هو تسهيل عملية تغيير العادة دون المبالغة في ذلك، ثم ترك العجلة تدور.

ما أن تضع مخططك الزمني للأهداف المختلفة، يأتي الوقت لبناء إشارات تساعدك في التزامك. بعض الإشارات المفيدة التي يمكنك تجربتها هي:

  • ارْتَدِ ملابسك الرياضية مع حذاءك التدريبي قبل يوم التمرين. وفي الطريق إلى صالة الألعاب الرياضية، استمع إلى موسيقاك المفضلة وفكر في تمرينك.
  • إذا كنت تحب تناول المنشطات قبل التمرين، فابحث بين العديد من مكملات ما قبل التمرين، وهناك أيضًا مكملات لما قبل التمرين تكون خالية من المنبهات وتناسب أي شخص لا يحب الشعور بالتوتر.
  • وأنت في صالة الألعاب، ضع خطة العمل وحدد روتين إحماء ممتع بالنسبة لك حتى يساعد جسمك على الشعور بالاستعداد والتأهب.
  • يجب أن يتوافق برنامجك أيضًا مع أهدافك ويجعلك متحمسًا. لاحقًا، يمكنك باستخدام تمرين ما تهيئة وتعليم جسمك تلقائيًا أن هذا النشاط التحضيري يعني أنه قد حان وقت ممارسة التمارين الرياضية.
  • بعد الانتهاء من التمارين الرياضية، تناول وجبات   صحية ومليئة بالنكهات أو مخفوق البروتين والعصائر.
  • نريد أن نكافئ أنفسنا على تفتيت عاداتنا الجديدة، ولكننا نريد أيضًا أن ننتبه للصورة الأكبر.

هذا مجرد مثال واحد على كيفية إنشاء إشارات لتعزيز العادات الإيجابية. من خلال تقسيم أهدافك ووضع إشارات واقعية يتم اتباعها، يمكنك بناء التزام طويل المدى تجاه العادات التي تريد إنشاءها.

‌‌‌‌عادات اللياقة والتغذية والتعافي التي تستحق التجريب

ستجد بالأدنى تسع عادات تمثل نقاط انطلاق رائعة لتأسيس إطار عمل للعادة في حال كنت بحاجة إلى القليل من التحفيز. ابدأ بالأمثلة التالية، ثم قم ببناء إشارات منطقية لسياق حياتك.

1. ركز على النوم الجيد

  • العادة: نَمْ 7 ساعات على الأقل في الليلة، ولكن من الأفضل أن تسعى لنوم أكثر من 8 ساعات.
  • الإشارات المحتملة: قم بتلطيف درجة حرارة غرفتك، واستخدام الميلاتونين ليساعدك في البداية، ولا تتعرض للضوء الأزرق قبل 30 دقيقة من النوم، وضع هاتفك بعيدًا عنك في وقت مبكر.

2. ابْنِ روتين استرخاء أفضل من أجل النوم

  • العادة: ضع خطوات يومية للاسترخاء بطرق صحية ومجدية.
  • الإشارات المحتملة: ممارسة اليوغا لمدة 5-10 دقائق، وتناول مكمل المغنيسيوم في المساء (مكمل مهدئ)، وممارسة تمارين التنفس مرة كل ساعتين.

3. اختر وجبات غذائية عالية الجودة

  • العادة: ركز على اختيار وجبات تتوافق مع أهدافك وتزود جسمك بالعناصر الغذائية الكافية.
  • الإشارات المحتملة: ابحث عن الأطعمة الصحية الأساسية التي تستمتع بها في وجباتك، واجعلها وجباتك في أيام معينة من الأسبوع، واستهلك مصدرًا عالي الجودة من البروتين في كل وجبة، وحدد وجباتك على أساسها.

4. تحرك أكثر على مدار اليوم

  • العادة: العمل على زيادة الجهد اليومي المبذول بشكل واقعي.
  • الإشارات المحتملة: امشِ بمجرد استيقاظك وأخرج حذائك من الليلة السابقة، واضبط مؤقتًا كل ساعة للوقوف والتمدد والقيام ببعض النشاط الخفيف.

5. اهتم بتحسين التغذية بعد التمرين

  • العادة: أَعْطِ مزيدًا من الاهتمام للتغذية بعد التمرين للوصول لأهدافك.
  • الإشارات المحتملة: حدد وجبتك لما بعد التمرين مسبقًا، وابحث عن مشروب البروتين الذي تستمتع بطعمه ويمكنك الحصول عليه بعد التدريبات.

6. قم بتغطية كافة الأساسيات الغذائية اليومية

  • العادة: تأكد أنك تغطي الأساسيات الغذائية التي قد تفقدها في بعض الأيام.
  • الإشارات المحتملة: تناول مكملات مثل الزنك والفيتامينات المتعددة وفيتامين د في الصباح، وتناول فواكه وخضروات متنوعة في وجبات معينة (حسب أهداف التغذية).

7. تدرج في روتينك الصباحي

  • العادة: ابدأ يومك بتدرج ثابت يركز على زيادة الطاقة.
  • الإشارات المحتملة: تنبيه ملائم، وتمرين صباحي صغير يمكنك أداءه بسهولة بعد الاستيقاظ، وشرب كوب من الماء مع الليمون والملح على الريق.

8. تتبع وجباتك باستمرار

  • العادة: سجل وجباتك بانتظام.
  • الإشارات المحتملة: احصل على تطبيق جاهز لتسجيل وجبات الطعام قبل تناولها، واضبط التذكيرات في هاتفك.

9. سجل تدريباتك

  • العادة: سجل تدريباتك بانتظام لتتبع تقدمك بشكل أفضل.
  • الإشارات المحتملة: عيّن تنبيهًا بهاتفك، وحدد رقمًا لعدد مرات التدريب التي تريد الوصول إليها وحدد مكافأة مقابل القيام بذلك.

سيساعدك تقسيم أهدافك الكبيرة إلى خطوات أصغر قابلة للتحقيق على البقاء في المسار الصحيح وتحقيق قراراتك لعام 2021. عام جديد سعيد!

المراجع:

  1. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4566897/